لقاء البوابة

هل بإمكان الخدمات المالية الرقمية التعجيل بالشمول المالي؟

لقاء مع جراهام رايت، مدير عام مجموعة مايكروسيف
جراهام رايت، مدير عام مايكروسيف.

جراهام رايت هو مؤسس شركة مايكروسيف ويشغل حاليا منصب المدير العام للمجموعة. ولدى رايت تاريخ مهني يمتد لثلاثة عقود في مجال التنمية مدعّم بخمس سنوات من الخبرة في مجال الاستشارات الإدارية والتدريب والمراجعة مع شركة رائدة للمحاسبة في أوروبا. وقد شارك رايت بشكل متعمق في مجال الخدمات المالية الرقمية منذ أن كان عضوا باللجنة التوجيهية الأصلية لنظام إم-بيسا لتحويل الأموال عبر الهاتف في كينيا وقام بدعم عملية الاختبار التجريبي المبدئي لهذا النظام. وقد عمل بمجموعة واسعة من مشروعات الخدمات المالية الرقمية مع البنوك ومؤسسات الاتصالات. وقد انطوى عمله على التخطيط الإستراتيجي، وبحوث السوق، وتطوير المنتج، وتحليل العمليات، وتطوير وإدامة شبكات الوكلاء والتسويق.

لقد كنت أحد أعضاء الجلسة العامة حول التمويل الرقمي خلال الأسبوع الأوروبي للتمويل الأصغر.  هل يمكنك إخبارنا عن الطريقة التي يمكن بها للتكنولوجيا الرقمية أن تجعل التمويل أكثر شمولا ؟

كانت هناك ضجة كبيرة حول مدى إمكانية الخدمات المالية الرقمية من التعجيل بعملية الشمول المالي. لقد رأينا جميعا فرصة لتخفيض التكاليف بشكل كبير من أجل تقديم مجموعة من الخدمات المالية وكذلك الفرصة لإثبات إمكانية تعبئة الودائع بأعداد كبيرة. وأعتقد أنه بعد النجاح الأولي والسريع لتجربة "إم-بيسا" في كينيا، فإننا جميعا قد أسأنا تقدير المبالغ المستثمرة و الاختبار التجريبي وعملية طرح المنتج التي قامت بها شركة سفاريكوم من أجل ضمان نجاح "إم-بيسا". إن القليل من مقدمي الخدمات لديهم رؤية أو رغبة للقيام بهذه الاستثمارات ولذلك نقول لكل مقدمي خدمات الهاتف أنه يوجد من ثمانية إلى عشرة مبادرات تعاني سواء من ناحية التمويل غير الكافي أو من ناحية سوء التنفيذ.

وعلاوة على ما سبق، فإن أغلب المبادرات حاليا تقوم بمجرد تقديم خدمات السداد. إن الفقراء يحتاجون إلى مجموعة من الخدمات المالية ؛ تماما مثلي ومثلك. و يوجد خطر حقيقي هو اكتشاف أن الفقراء لا يستطيعون الخروج من ماراثون الفقر باستخدام ساق واحدة وهي الائتمان فقط، إننا ننتظر منهم الآن أن يقوموا بذلك؛ أي استخدام ساق واحدة وهي السداد فقط. في كل الأماكن التي تم فيها تقديم المدخرات ومنتجات الائتمان الرقمية، يتضح أن المدخرات هي فكرة مؤجلة  وعادة ما تكون خدمات الائتمان عبارة عنقروض استهلاكية عالية التكلفة. وعلى الرغم من أن هذه القروض قد أثبتت أنها في غاية الأهمية للعديد من العملاء، إلا أنها كانت أقل أهمية للبعض الآخر – فقد تم وضع ما يزيد عن 400,000 كيني في القائمة السوداء من قبل مكتب المعلومات الائتمانية الكيني لقروض أقل من 2 دولار.   

وبالرغم من ذلك، توجد علامات متزايدة ومبشرة بدأت تظهر في بعض الأسواق. فالهند تقوم بتقديم رؤية مثيرة للاهتمام لما يمكن أن يحدث إذا قامت ثورة الخدمات المالية الرقمية بشكل صحيح. و هي مزيج من تحديد الهوية الرقمية "آدهار" التي هي عبارة عن حملة شعبية لفتح حسابات بنكية لمنح الفقراء إمكانية الحصول على مجموعة من الخدمات المالية وتسمى PMJDY ، وبرنامج طموح يقوم بالتحويل المباشر ليس فقط للرواتب والمعاشات بل أيضا لمدفوعات الضمان الاجتماعي، وقد أسفر هذا المزيج عن أن متوسط رصيد الحسابات تجاوز مبلغ 25 دولار. إن أوجه القصور لا تزال قائمة ؛ فالتدفق النقدي للشبكات الوسيطة لا يزال ضعيفا ، وتمت الموافقةعلى عدد قليل من عمليات السحب على المكشوف حتى الآن، كما أن معظم الفقراء يعتمدون اعتمادا كليا على الوسطاء للحصول على المعلومات ومساعدتهم في استخدام النظام – إلا أن علامات الشمول المالي الحقيقي قد بدأت في الظهور.

من الواضح أنه ينبغي القيام بالكثير من أجل الحصول على التمويل الرقمي بشكل صحيح. ما هي برأيك العقبات الرئيسية التي تقف في طريق استخدام الخدمات المالية الرقمية بصورة أشمل ؟ وما هي أنواع الابتكارات المطلوبة من أجل التغلب على مثل هذه العقبات؟

لا تزال هناك العديد من العقبات، ربما أهمها هو عنصر الثقة. إن الخدمات المالية الرقمية تعتمد بشكل أكبر من الخدمات المالية التقليدية على ثقة العملاء في النظم والوسطاء الذين يتم استخدامهم لتقديم الخدمة. إن حماية العملاء والحد من مخاطر استخدامهم للخدمة هو أمر ضروري لبناء الثقة والحفاظ عليها. وحتى الآن في معظم الأسواق العشرين التي عملت فيها مايكروسيف على تطبيق الخدمات المالية الرقمية، يوجد المزيج من توقف النظم عن تقديم الخدمة وعدم سيولة إجراءات الوسطاء وجشعهم، وواجهات المستخدم المبنية على نظم مختلفة، وكذلك ضعف قنوات التعامل مع شكاوى العملاء، كل ذلك يعني أن هناك ثقة محدودة في الخدمات المالية الرقمية. ونتيجة لذلك فإن العديد من المستخدمين يفضلون القيام بالمعاملات في السوق الثانوي بدلا من تحمل مخاطر الاحتفاظ بالأموال في محافظهم أو إرسالها إلى المستلم الخطأ.

إن العديد من هذه الأمور تتطلب من مقدمي الخدمة أن يقوموا بمزيد من الاستثمار في منصاتهم الإلكترونية والشبكات الوسيطة من أجل بناء بنية أساسية رقمية شاملة وبالتالي مربحة خارج نطاق التحويلات النقدية المبنية على السوق الثانوي. و يعتبر هذا "العامل المحفز" شرطا مسبقا لتحويل الخدمات المالية الرقمية إلى شمول مالي حقيقي وكذلك لطرح مجموعة من الخدمات.

إن الهواتف الذكية قد توفر المدخل لإدراك الإمكانية الكاملة للبيئة الأساسية للخدمات المالية الرقمية. فهي تتيح لنا بناء واجهات للمستخدم النهائي تكون أكثر تلقائية وسهولة، وتعكس النماذج الذهنية التي يستخدمها الفقراء في إدارة أموالهم. (و من الغريب أن هذه النماذج الذهنية لا تتشابه مع الطريقة التقليدية التي توفرها المؤسسات المالية عند تقديمها لخدماتها). وبالإضافة إلى ذلك فإن الهواتف الذكية من شأنها تخفيض تكلفة بيانات الاتصالات الهاتفية المتعلقة بالقنوات الهاتفية التقليدية (مثل رسائل الهاتف القصيرة والرموز البسيطة). إن تطبيقات الهواتف الذكية تتيح أيضا للبنوك وكذلك شركات التكنولوجيا المالية ومقدمي الخدمات الآخرين حرية وضع برامج الخدمات بدون الحاجة إلى اتفاقية مع مقدم خدمة الاتصالات أو مساهمته. وأخيرا ، فإن الهواتف الذكية سوف تتيح الفرص للحصول على المزيد من بيانات العملاء التي تعزز من قيمتهم وبقائهم لمدة أطول وكذلك صنع القرارات المستنيرة بشكل أفضل.

ما هي بعض المخاطر الرئيسية المرتبطة بالتمويل الرقمي وماذا يمكن عمله للتصدي لهذه المخاطر ؟

بجانب الفرص التي تم وصفها أعلاه، توجد مجموعة جديدة من المخاطر المصاحبة للخدمات المالية الرقمية. لقد رأينا بالفعل كيف يمكن لمقدمي الخدمات أن يفقدوا مبالغ كبيرة من الأموال إذا لم يكن لديهم إجراءات فعالة لإدارة المخاطر. ومع ذلك، فإن العديد من المخاطر هي بطبيعتها مخاطر إستراتيجية ومتعلقة بالسمعة. وهذه المخاطر هي التي ستحدد ما سوف يكون عليه الواقع العملي للوسطاء وعملائهم. إن الاستقصاء الأخير الذي أجراه " معهد هيليكس للتمويل الرقمي" عن الشبكات الوسيطة في أوغندا ؛ قام بتسليط الضوء على مدى انتشار الاحتيال والسرقة فيما بين الوسطاء، ليس فقط في أوغندا بل في جميع أنحاء العالم. ولا يزال العملاء يعانون من مشاكل تضاؤل الثقة في إمكانية حصولهم على أموالهم. وفيما يبدو أن مخاطر الاحتيال تتطور وتزداد مع ازدياد تطبيق الخدمات المالية الرقمية ، ولذلك فمن البديهي أن نتعلم وغالبا ما يكون ذلك صعبا في المستقبل القريب.

إن الاستجابة إلى للمخاطر الناشئة والمتطورة للخدمات المالية الرقمية تتطلب إعداد وتطبيق أطر لإدارة المخاطر – سواء كان ذلك للإجراءات والنظم الداخلية ، أو للشبكات الوسيطة التي تواجه عملاء. ويجب على مقدمي الخدمات القيام بالتنسيق الحذر مع وسطائهم وتدريبهم بانتظام على حماية العملاء. ولحسن الحظ، يوجد مجموعة متزايدة من الموارد الجيدة التي تدعم ذلك ، مثل دليل مؤسسة التمويل الدولية لإدارة مخاطر الخدمات المالية الرقمية ، و مجموعة أدوات إدارة مخاطر تحويل الأموال عبر الهاتف المقدمة من الشبكة العالمية لمشغلي الهواتف النقالة، وهي موارد جيدة للبدء بها بالإضافة إلى مجموعة واسعة من الدورات التدريبية  التي يقدمها معهد هيليكس في المجالات المتعلقة بالتمويل الرقمي.

 

اترك تعليق

يقوم فريق تحرير البوابة بمراجعة وإدارة نشر التعليقات. نرحب بالتعليقات التي تقدم ملاحظات وأفكار ذات صلة بالمحتوى المنشور. تعلم المزيد.